قوله تعالى: {إِني أُريد أن تبوء بإثمي وإِثمك} فيه قولان:أحدهما: إِني أُريد أن ترجع بإثم قتلي وإِثمك الذي في عنقك، هذا قول ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك.والثاني: أن تبوء بإثمي في خطاياي، وإِثمك في قتلك لي، وهو مروي عن مجاهد أيضاً. قال ابن جرير: والصحيح عن مجاهد القول الأول. وقد روى البخاري، ومسلم في صحيحهما من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقتل نفس ظلماً إِلاّ كان على ابن آدم الأول كِفْل من دمِها، لأنه كان أول من سن القتل» فإن قيل: كيف أراد هابيل وهو من المؤمنين أن يبوء قابيل بالإِثم وهو معصية، والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ فعنه ثلاثة أجوبة.أحدها: أنه ما أراد لأخيه الخطيئة، وإِنما أراد: إِن قتلتني أردت أن تبوء بالإِثم، وإِلى هذا المعنى ذهب الزجاج.والثاني: أن في الكلام محذوفاً، تقديره: إِني أُريد أن لا تبوء بإثمي وإِثمك، فحذف لا كقوله: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} [لقمان: 10] أي: أن لا تميد بكم، ومنه قول امرئ القيس:فقلتُ يمينُ اللهِ أبرحُ قاعداً *** ولو قطَّعوا رأسي لَدَيْكِ وأوصاليأراد: لا أبرح. وهذا مذهب ثعلب.والثالث: أن المعنى: أريد زوال أن تبوء باثمي وإِثمك، وبطلان أن تبوء باثمي وإِثمك، فحذف ذلك، وقامت أن مقَامه، كقوله: {وأُشربوا في قلوبهم العجلَ} [البقرة: 93] أي: حبّ العجل، ذكره والذي قبله ابن الأنباري.قوله تعالى: {وذلك جزاء الظالمين} الإِشارة إِلى مصاحبة النار.